[\"] سيرة عن حياة المغفور له بإذن الله الشيخ ابراهيم بن صالح بن ابراهيم العواد
أمير بلدة الهلالية بالقصيم
الشيخ ابراهيم بن صالح بن ابراهيم العواد رحمه الله
أمير بلدة الهلالية بالقصيم
في سطور:
ولد عام 1331 هجري
تولي إمارة الهلالية بعد وفاة أبيه في عام 1351هجري وعمره تسعة عشر عام .
مدير مدرسة الهلالية لمدة عشرين عاما منذ عام 1368هـ إلى عام 1388هـ .
وكان له مكانه في منطقه القصيم وذلك مما حباه الله من صفات حميدة
فهو عالم ناصح كريم وقد عرضت عليه عده مناصب إلا
أن مطالبة الأهالي له بالبقاء في البلد من جهة وظروفه الصحية
من جهة أخرى حالت دون قبوله لهذه المناصب .
كما عين رئيسا للجان التي تقوم إمارة القصيم بتشكيلها
لفض الخصومات والمنازعات بين مواطني المنطقة وحل مشاكل
الأراضي والحدود بين مدن وقرى المنطقة.
توفي - رحمه الله في ذي الحجة عام 1406 هـ .
الشيخ إبراهيم بإسهاب:
هذه سيرة والدكم بعد اضافة المجلس لها
ولد الشيخ إبراهيم بالهلالية عام 1331هـ , وعاش وترعرع في أحضان والديه, بدأ تعليمه عن طريق الكتاتيب وواصل طلب العلم , تتلمذ على عدد من المشائخ والعلماء منهم العالم الجليل الشيخ عبد المحسن الفريح رحمه الله, حفظ القرآن الكريم وهو لم يبلغ الخامسة عشر من عمره وكان والده الأمير صالح بن إبراهيم العواد - رحمه الله - أميرا للهلالية في ذلك الوقت متعلما، واعيا، حريصا على تعليم أبناءه وكانت تجمعه علاقات بمعظم علماء منطقة القصيم، فاتفق مع فضيلة الشيخ: عبد الله بن محمد بن سليم وأخيه الشيخ: عمر بن محمد بن سليم على أن يرسل ابنه إبراهيم لهما في بريده ليتلقى العلم على يدهما فقام الشيخ عبد الله بتدريسه كتاب: بلوغ المرام, ودرس علوم التفسير والعقيدة والفقه والسيرة والنحو على يد فضيلة الشيخ: عمر رحمهم الله -. وعفا عنهما واستفاد كذلك من عدد من العلماء وحصل على معلومات واسعة في جميع المجالات والفنون وتوغل في فهم القرآن وتفسيره وعلوم الشريعة ومعرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسير أصحابه وأنسابهم . كان رحمه الله بارعا في جميع المعلومات التي حصل عليها و استفادها من مشايخه, وبما أن تعلمه كان في وقت مبكر فقد أتقن وبرز فيما تعلمه.
وقد أحبه الشيخان الجليلان عبد الله وعمر بن سليم رحمهما الله - لما لمسوا فيه من النجابة والحرص على طلب العلم واستمر في طلب العلم حتى نهاية سنة 1350هـ حيث توفي والده وهو في طريقه عائدا من الحج على راحلته فشق عليه ذلك واضطر لتحمل مسؤولية أسرته وتربية إخوانه وأخواته الصغار.
في سنة 1351هـ تم تعينه أميرا للهلالية وقد اعتذر في البداية عن قبول الإمارة لرغبته بمواصلة العلم إلا أن الشيخ عمر ألح عليه بأن يقبل الإمارة لكي يبقى بجوار أسرته الذين كانوا بحاجة للرعاية في ذلك الوقت وكان عمره آنذاك لا يتجاوز تسعة عشر عاما. فتحمل هذه المهمة الشاقة على صغر سن وضعف حال فمارس العمل بكل شجاعة وإخلاص.
وفي عام 1369هـ وبجهد جبار من العم المرحوم إن شاء الله شائع بن علي العواد وبإصرار وتصميم من الأمير إبراهيم أيضا - رحمه الله - حيث مكث في مكة المكرمة أكثر من شهر يطالب بافتتاح المدرسة حتى وافق مدير المعارف على افتتاحها وطلب منه أن يقوم هو بافتتاح المدرسة(كأول مدرسة بنين في الهلالية) وإدارتها بالإضافة لكونه أمير للبلدة واستمر يمارس العمل بها حتى عام 1388 هـ وخلال توليه إدارة المدرسة زارها عدد من المسؤولين من إدارة المعارف حينذاك ومنهم مدير عام المعارف الشيخ المرحوم إن شاء الله محمد بن مانع وقد أعجب بها وبكفاءة طلابها وحسن إدارتها. وفي عام 1384هـ تم تعينه رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة إلا أن ظروفه الخاصة لم تمكنه من الانتقال إلى مكة كما عرض عليه الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين الشيخ العبيد العمل معه بالحرم المكي أو المسجد النبوي ووافق بالبداية أن يعمل كمسؤول في المسجد النبوي إلا أنه اعتذر بعد ذلك نظرا لظروفه الصحية وكان ذلك في العام 1404 هـ أي قبل وفاته بأكثر من عامين رحمه الله -- .
كان يقوم خلال عمله بالإمارة - والذي استمر حتى عام 1396 هـ حيث أحيل للتقاعد - برئاسة اللجان التي تشكلها إمارة المنطقة لفض الخصومات والنزاعات الحدودية والقبلية والزراعية بين المواطنين وحل مشاكل الأراضي والحدود بين مدن وقرى المنطقة فأوقف نفسه وجهده وماله فعالج الكثير من المشاكل المعقدة على مستوى المنطقة وكان له أثر كبير وبذلك نال رضا المسؤولين كما انه هو من حدد موقع مطار القصيم الحالي، وقد وهبه الله بعد النظر والحلم والحكمة والفراسة حيث وفق في حل الكثير من المشاكل الصعبة والمتشعبة برضا جميع الأطراف, وقد استمر في رئاسة اللجان حتى بعد أن أحيل للتقاعد إلى أن وافاه الأجل المحتوم
كان رحمه الله دمث الخلق مثقفا محبوبا بين أهالي منطقة القصيم فلا يرد ذكره في مجلس من المجالس إلا والكل يثني عليه ويذكره بالخير وذلك لما حباه الله سبحانه من حسن الخلق والتواضع فقد كان يقدر الناس ويقدرونه ويحترم الكبير ويعطف على الصغير, وكان يحرص على قضاء حوائج الناس والإصلاح بينهم كما كان طالب علم يحب مجالس العلماء والاستفادة منهم ويقضي معظم وقت فراغه في مطالعة الكتب الدينية والعلمية الموجودة في مكتبته التي عني بجميع كتبها حتى أصبح لديه إلمام بكثير من علوم العقيدة والشريعة والتاريخ واللغة والأدب والفلك . وكان مرجعا وآية في علم الأنساب حتى أضحى مرجعا لكثير ممن ألفوا كتبا عن تاريخ المنطقة أو الأنساب, وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد استعان به الدكتور/ محمد بن عبد الله بن سليمان السلمان عند قيامه بتأليف كتابه: الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية 1238-1309هـ, وذكر المؤلف بأنه أحد المصادر والمراجع لمؤلفه.
وقد تطرق لسيرته عدد من الباحثين وأدرجوها في مؤلفاتهم مثل: إبراهيم المسلم في كتابه: رجال من القصيم، وعبد الله زايد الطويان في كتابه: رجال في الذاكرة / سيرة ذاتيه لبعض رجال نجد المعاصرين - الجزء الأول.
وقد مثل جماعته وبلده وأسر القصيم في كثير من الاجتماعات والمناسبات في محيط المنطقة وخارجها وكان لإجراءاته وتوجيهاته ومرئياته صدى ملموس لدى المجتمعين وقد كدس جهده وعمله في هذا المجال بشكل غير طبيعي . أجريت له عدت مقابلات بالصحف والتلفزيون السعودي .له رحمه الله مواقف مشرفه عديدة فهو رحمه الله كما أسلفنا يتميز بصفات محمودة منها الكرم والحلم ولين الجانب ونقاوة الضمير وسعة البال وبعد النظر وله خدمات جليلة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإمامة المسجد الجامع بالهلالية كما أنه كان مرجع بلدته في أمرها كله فهو بالإضافة إلى عمله في الإمارة وإدارة المدرسة فقد كان يعد رئيس الحسبة والواعظ والخطيب ،وله شهره واسعة ومكانا مرموقا على مستوى القصيم . كان رحمه الله مدرسة للأجيال في علمه وحلمه ونصحه كريماً سخياً طيب النفس ظريفاً حكيماً لا تكاد تمل مجلسه قوياً في الحق ، يتميز بالحلم والكرم وحب الدعوة إلى الله ، كثير التوجيه والإرشاد في المجالس والاجتماعات .وكان هاجسه الكبير تدعيم الترابط والتراحم بين أفراد الأسرة, إنه مدرسة يتعلم منها الآخرين فقد ورث القيم السامية والأخلاق الفاضلة و الذكر الحسن .
مجلس الشيخ
هناك مجلسان احدهما مخصص للصيف والاخر مخصص للشتاء وكثيرا ماحفل هذان المجلسان بكثير من الرواد اما لحل مايطرا بين بعض اهالي البلدة من مشاكل تنحل فيه بالصلح اوبالحكم الذي يرضاه الطرفان دون الرجوع الى الشرع ( كونه أميرا للبلد ) ولما يملكه من قوة شخصيه وعلم ومعرفة وفراسة بالناس وكذلك من ماعطي امراء البلدان من صلاحيات تصل الى سجن المخطيء فهناك غرفه كبيره مخصصه ( كسجن ) ودخلها الكثير ممن ارتكب بعض الاخطاء وكذلك مااصدره من احكام على بعض المقصرين وجلدهم من قيل من يسمون حينه بالخوياء داخل الاماره او امام الجماعه بعد انقضاء احدى الصلوات خاصة صلاة العصر
ومجلسة كثيرا ماحفل بالضيوف من داخل البلد اوخارجها وكثيرا ماشهد من سجالات ومناقشات مع كثير من طلبة العلم والمثقفين ( كونة مطلع على كثير من العلوم والمعارف وله باع كبير في علوم الجغرافيا والفلك والفقه والتوحيد والفرائض والتاريخ والانساب الذي كان ضليعا بها) وعلى ذكر الفرائض روى ممن يوثق فيه ان احد القضاة في احد البلدان المجاوره كان يزوره ليلا عند تعرضه لمشكلة في توزيع المواريث ليستنير برأيه ولعلمه بمدى علمه بهذا الشان ولكي يحكم بالعدل بين الاخصام, وكثيرا مايستشيره أهالي البلدة في أمور ألزراعه والوقت المناسب لها حيث يذكر للجميع بما يتوقعه في العام القادم من شدة الحر او سوء الشتاء,
او في أمورهم الحياتيه او الاسريه الخاصه ويثقون في راية كثيرا او حتى مرافقتهم للقراءة على مرضاهم حتى انه استفاد منه الكثير ممن كم يقال قد لاطفهم الجن
وللشيخ زاوية محببة عندما يفرغ مجلسه من الزوار وهذا في حالات نادره, اذ يجلس فيها للقراة والمطالعه و في مكتبته الغاليه عليه رحمه الله والذي وضعها في اخر مجلسه وتحوي كثيرا من العلوم والمعارف والمخطوطات والكتب القديمة والحديثه وشتى العلوم وبعض الكتب التي اشتراها بغالي الثمن حتى قصص الاطفال لم ينسى جلبها لها الى جانب امهات الكتب والتي يعتز كثيرا بدعوة بعض زواره للاطلاع عليها( والتي بعد وفاته رحمه الله اتفقنا أبنائه على التبرع بنقلها بما تحويه الى مكتبة البكيريه العامه ووضعت بركن باسمة
كثيرة مناسبات الشيخ حتى انه احيانا يكون لديه في اليوم الواحد ثلاث مناسبات (للوجبات الثلاث ) ونار مجلسة لاتطفى كان يحب اعداد القهوه واكرام ضيوفه بنفسه رغم وجود الخويا والخدم ويندر ماتناول وجبته دون ان يشاركة فيها ضيف وحتى لو كان احد المساكين الذي يتسولون في المسجد كان رحمه الله يحب الناس ويحبه الناس لطيف المعشر يملك اسلوبا شيقا في الشرح والطرح والروايه وشد الانجذاب وجميع من في المجلس مشدودا لحديثه يولي الجميع اهتمامه ويشركه في الطرح والنقاش مهما كان سنه اوعلمه ينتبه للصغير والكبير يهتم بكل صغيرة وكبيره و اذا وجد الحديث في مجلس شط اونوقش فيه موضوع ليس ذو اهميه يقوم بطرح موضوع ذا اهميه اومسالة علميه او اي من مواضيع الساعه كان مجلسه دائما عامرا يجلس فيه اكثر من جلوسه مع عائلته الخاصه قد نذر نفسه للناس ومساعدتهم كثير التوسط لدى المسؤلين لحل مشاكل الاخرين ومساعدتهم او قضاء حوائجهم ولو كان ذلك عن طريق مساعدتهم ماديا .
و مجلسة كثير مايدخله زملائه من امراء البلدان المجاوره ووجهاء واهالي منطقة القصيم اومن يقدم على البلد من قريب اوبعيد, وقد شهد مجلسه رحمه الله عدة مناسبات لمن يعين في المنطقه من اصحاب السمو الامراء كامراء للمنطقه و زوار لها وكم دخل هذا المجلس من طلبة العلم واستعان بعلمه ومراجعه القيمه كثيرا من الطلبه و المولفين والذي احيانا منهم يتقدم للدراسات العليا.
ولصغار السن الذين يأتون للسلام عليه حفاوة واحترام وترحيب ومحادثتهم حديث الرجل للرجل محترما عقلياتهم , و يخرجون من عنده بروح معنوية مرتفعه لما منحهم اياه من احترام وعاملهم معاملة الرجال رغم صغر سنهم .
كثيرا ماتغنى معاصروة بحمد الله بسيرته العطره واظهروا اسفهم على فقدانه يشهد على ذلك ماشهدته المقبره من كثرة الناس وبقاء عزاءه لعدة ايام
خلف شيخنا الكثير من الاوراق التي قام بخطها كمشروع لكتب لو رأت النور لربما استفيد منه في علوم الدين والانساب والتاريخ اذ يعتبر نسابا ومؤرخا رحمه الله .
وفاته :
توفي رحمة الله ثاني أيام عيد الأضحى المبارك سنة 1406هـ وعشاء ضيوفه على النار, رحمه الله رحمه واسعة وأسكنه فسيح جناته وكان لهذا الحدث صدى كبيرا في منطقة نجد عامه والقصيم خاصة فقد حزن عليه الكثير ورثاه كل من يعرف أو سمع عنه ولقد ذهب جسمه وترك لنا آثارا كثيرة كان يمارسها في حياته ولقد خلف عدد من الأولاد رباهم أحسن تربيه وعلمهم في شتى العلوم وفيهم الخير والبركة إن شاء الله نهجو نهجه وتقمصوا سيرته وأحيوا ذكره بارك الله فيهم وجعلهم خير خلف لخير سلف وقد تزوج أربع مرات وتوفي - رحمه الله - وله أحد عشر من الأبناء وثمان من البنات.
قال عنه الشاعر السليمي من قبيلة حرب :
عرق الحمايل عند إبراهيم .. عمدة هل الحزم والوادي
الشيخ أبو صــــــالح الفهيم .. أميرٌ من روس الأجوادي
الين بين على الخـصــــــــــيم .. يهيد لــــــو أنه اعنـــادي
من غير ذلك فهو كريــــم .. دايم على سماطه ينــادي
وعياله مثل كرمهم مقيــم .. والنعم بعيال عـوادي
و رثاه حفيده الشاعر ابراهيم العواد ابوعمر بقصيدة
جاني خبرك وخيم الحـزن بسكـات .. والكل عقبك يحسب انـي بنومـاس
هز الخبر جوفي على فايتـن فـات .. وهز الذي معروف في شدة البـاس
والله ياجـدي فـلا أنسـاك لوفـات .. عمرن كثر عمري بلاضحك واوناس
الناس ناسينك وأنـا اقـول مامـات .. مامات من خيره شمل غالب النـاس
وما مات من خلف مع الناس رايـات .. مامات من فعله تنومس بـه الـراس
شيخ الكرم والجود شيـخ المـروات .. شيدت عهدك من قديمن على سـاس
ياجـدي ابراهـيـم ماقـلـت زلات .. علمت من حولك بحكمـة ومقيـاس
جدي حكيم الـرأي عنـد الملمـات .. يشهد له التاريخ في وسط قرطـاس
يالله ياخالـق حسـانـي وسـيـات .. يارازق المحتاج فـي لجـة اليـاس
تكتب لابن عواد راعـي الجمـالات .. خضر الجنان اللي بها الحور والكاس
العم عبد الله الصالح العواد
ابنه: عبد العزيز إبراهيم العواد
حفيده: معن عبد الله إبراهيم العواد